كيف يطور اللاجئين الحرفيين مشاريعهم الريادية من خلال التسويق الإلكتروني

في هذا العالم الذي تشوبه مأساة التهجير واللجوء، يعيش آية ومحمود اللاجئان السوريان في الأردن ورغم كل الصعوبات تمكنا من إنشاء عملًا خاص بهما، إذ يصنعا قطع يدوية مميزة معتمدين على شغفهما بالفن والإبداع، وبإيمانهم في رحلتهم الريادية وتلقيهم الدعم من منصة التجارة الإلكترونية “سوق فن”، تمكنا من تطوير عملهما المنزلي إلى مشروع قائم قابل للتطور، وبناء مهاراتهم وتوسيع قاعدة عملائهم وأيضًا زيادة الإيرادات.
تستضيف دولة الأردن ثاني أكبر عدد من اللاجئين عالميًا، وتواجه مع ذلك تحديات عدة في سبيل توفير احتياجات وفرص للاجئين، نسبة كبيرة من هؤلاء اللاجئين هم سوريون هُجّروا من بلدهم التي مزقتها الحرب ولجأوا إلى الأردن باحثين عن الأمان وفرصة لإعادة بناء حياتهم، ولكن للأسف لم يجدوا سوى المزيد من الصعوبات إذ أنه 83% من السوريين اللاجئين خارج المخيمات في الأردن يعيشون تحت خط الفقر وبالتالي يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية. مع أن حياة اللاجئين عادة ما تكون محفوفة بالصعوبات، إلا أن هناك الكثير من القصص التي تروي نجاحاتهم وقدرتهم على التكيف وعزيمتهم في تخطي الصعوبات وخاصة الرياديين منهم. نروي منها قصة آية عماد إسماعيل العالول ومحمود وليد محمد نزيه نقشبندي، اللاجئان السوريان في الأردن، قصتهما تمثل قوة ريادة الأعمال والإصرار في وجه المصاعب.
الصعوبات التي يواجهها اللاجئون في الأردن
تستضيف الأردن نسبة كبيرة من اللاجئين: 760 ألف لاجئ مسجل، يسعون إلى تغيير حياتهم إلى الأفضل، ويتصدون لمختلف الصعوبات مثل محدودية الحصول على فرص عمل وعلى التعليم الكافي والرعاية الصحية. إضافة إلى ذلك يواجهون صعوبات في الاندماج في المجتمع بسبب كونهم لاجئين على الرغم من تشابه الثقافات بين البلدين، بالتالي تشكل المحدودية في الفرص والتمييز المجتمعي عائقًا أمام اللاجئين في تحقيق الاكتفاء الذاتي والاستقلال المادي. وهنا يشع الأمل الذي تقدمه المشاريع الخاصة وريادة الأعمال في خلق مستقبل مشرق للاجئين إذ يمكنهم من خلال تأسيس مشاريعهم الخاصة من خلق فرص عمل جديدة لهم وللآخرين من حولهم مما يسهم في دعم الاقتصاد المحلي ككل وفي الوقت نفسه يحققوا قدرتهم الطبيعية في الاستقلال.
رحلة آية ومحمد في ريادة الأعمال
في 2013 وصلت آية، ذات ال 24 عامًا، إلى الأردن مع عائلتها المكونة من خمسة أفراد، ووصل معهم محمود، وعمره 50 عامًا مع 13 من أفراد عائلته، وبالرغم من مشاق اللجوء صمما على تحقيق رؤيتهما المشتركة وهي أن يديرا مشاريعهم الخاصة.
بدأت رحلتهما الريادية في 2015 وباستخدام أدوات بسيطة بدءا برسم لوحات جميلة وتزيين مزهريات بالزخارف، اجتمع شغف آية بالفن مع اهتمام محمود بالتفاصيل، معًا متأصلين ببراعة إنتاج الحرف اليدوية وبتميز لا مثيل له أطلقا مشروعهما الريادي، ما ميزهما عن غيرهم هو وضوح اللمسات الفنية اليدوية الفريدة في كل قطعة، هذا والتزامهما بالجودة العالية في حرفتهما قد جذب عدد أوسع من العملاء وخاصة ربات المنزل اللواتي يهتممن بتفاصيل ديكور المنزل ويحببن الهدايا المميزة.
وكانت نقطة التحول لهما في مسيرة المشروع عندما اشتركا في منصة سوق الفن، وهي منصة إلكترونية تجمع الفنانين والحرفيين في الأردن مع أسواق جديدة واسعة، وبشراكتها مع سبارك قدمت المنصة الأدوات اللازمة لمساعدتهما في التسويق للمنتجات وعرضها وأيضأ بيعها وتوصيلها والمتابعة مع الزبائن عبر هذه المنصة، إضافة إلى ذلك قدمت لهما سبارك تدريبًا مخصصًا وموجهًا في مجالات التسويق والتغليف وعرض المنتجات، وذلك ضمن برنامج الوظائف والآفاق المستقبلية الممول من وزارة الشؤون الخارجية للملكة الهولندية.
منذ انضمامهما لمنصة سوق الفن، لاحظا قفزة نوعية في مبيعاتهم عبر الإنترنت وازداد الطلب من الزبائن، تنوه آية إلى أن الانضمام إلى منصة مبيعات للحرفيين قد جددت أفكارهما الإبداعية وفتحت لهما آفاق إبداعية في التسويق، يعتبر هذا التوسع في متجرهما الإلكتروني والنمو في عدد متابعيهم مؤشرًا على نجاحهم، الذي تعدى حدود الأردن ليصل إلى زبائن عالميين يهتمون بجماليات القطع الفنية ذو طابع تراثي غني.
وفي خضام التحديات التي واجهاها في التسويق والتغليف وإيجاد مواد إنتاجية عالية الجودة، استطاع محمود وآية على التكيف بمرونة مع احتياجات السوق المتقلبة، فاضطرا في أحيان أن يبحثا عن بدائل في الموردين عندما واجها صعوبة في إيجاد مواد للخياطة التي تخص حرفتهم، مع ذلك فهما يطمحان إلى توسيع حرفتهم اليدوية وتحسين تقنيات التغليف ، وإلى إدخال منتجات جديدة تخدم احتياجات السوق المتنوعة وأذواق فئة أكبر من الزبائن بمختلف الأعمار، محمد وآية يتصورا مستقبلًا يديرا فيه معملهم الخاص لينتجا كل مطالب السوق بانتظام مستمر.
في صلب مبادرة منصة سوق الفن ينطوي مبدأ تعزيز المساواة الجندرية والارتقاء بالنساء الرياديات، فضمن هذا البرنامج انضمت 50 امرأة منهم 13 لاجئة لإنماء مشاريعهن الخاصة وتطويرها على خطى مشروع آية ومحمود، تحرص المنصة وشركاؤها بالعمل على خلق مجتمع شمولي يضمن نجاح الرياديات من خلال توفير الدعم وفرص التطور لهن.
الاهتمام بدعم اللاجئين مثل آية ومحمود في مرحلة حرجة كهذه هو ليس مجرد بادرة لحسن النية، بل هي شهادة اعتراف بما لديهم من إمكانيات هائلة، بتمكينهم في مواهبهم الإبداعية واضفاء وتطوير الجانب الريادي لها، نحن نفتح الباب أمام إمكانياتهم اللامحدودة، وعلى غرار تقديم الدعم المالي، هذا المنطلق يعمق توجه الاعتماد على النفس بحرية وكرامة ويقوي قدرتهم على صناعة مستقبلهم بأيديهم، بحكمته يقول محمود ” ليس الفشل هو أن تخسر ولكن هو أن تستسلم عن المحاولة” تلخص هذه الكلمات الإرادة والقدرة على التكيف الهائلة في قصة آية ومحمود، فهما واجهها وتخطا الكثير من الصعاب ورفضا أن يتخلّا عن أحلامهما وطموحهما. ولهذا السبب وبدعمنا للاجئين الرياديين نكون قد وفرنا لهم أدوات تدفعهم للمثابرة ولتحويل العوائق لنقطة انطلاق لهم نحو النجاح.
أخبار ذات صلة
-
غير مصنف
فن الجداريات في عمان يحتفي برواد الأعمال اصحاب التطلعات المستدامة.
-
غير مصنف
المعنيّون بمنظومة الشركات الناشئة يلتقون في عمان
في 20 و21 فبراير/شباط، جمعت «سبارك» أكثر من 25 منظمة محلية ودولية في عمان لمناقشة منظومة الابتكار والشركات الناشئة في…
-
أخبار
“من الابتكار إلى الإبداع”، نقاش حول النظام البيئي للشركات الناشئة في الأردن
نظمت سبارك الأردن حدثًا بعنوان “من الابتكار إلى الإبداع” ضمن برنامج “تتعزيز الابتكار من خلال دعم تعاون الكتلات والنظم البيئية…
-
غير مصنف
كيف تساهم سبارك في تعزيز مفهوم وبيئة ريادة الأعمال في الأردن وتركيا
تعمل سبارك وبتمويل من صندوق قطر للتنمية بتعزيز بيئة ريادة الأعمال في تركيا والأردن وذلك من خلال العمل مع مجموعة…
-
غير مصنف
سبارك والسفارة الهولندية في الأردن يحتفلون بـخلق 3000 فرصة عمل جديدة للشباب واللاجئين والنساء
-
أخبار
مؤتمر الأطراف 26: كيف ندعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم (SMEs) لتصبح قادرة على التكيف مع تغير المناخ
يحتل التكيّف والتمويل المتعلق به للدول النامية أهمية كبرى على جدول الأعمال في اليوم الأخير من مؤتمر الأمم المتحدة المعني…
-
غير مصنف
كيف ندعم الشركات والمشاريع والصغيرة والمتوسطة في عالم ما بعد الجائحة
-
غير مصنف
خِرّيجون أردنيون يتابعون تدريباً داخلياً، ويتعلمونَ مهارات ’’الاستعداد للعمل‘‘
-
غير مصنف
تدريب ريادة الأعمال للسيدات في الأردن يستهدف 400 سيدة طموحة
-
أفغانستان: مخاوف على الاستقرار ومستقبل الشباب
-
Startups Without Borders و SPARK يطلقان مسابقة EdTech Startup في الشرق الأوسط
-
Business across Borders: Former employees turn to entrepreneurship
-
تعرف على الفائزين في مسابقة ريادة الأعمال Startup Roadshow-Wired