تعطش مصممة أزياء ليبية للمعرفة يؤتي ثماره
كانت زهرة، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 35 عامًا، تخيط الملابس منذ نعومة أظفارها. وعلى مر السنين، قامت بزيادة معرفتها ومهاراتها في التصميم من خلال حضور مجموعة متنوعة من دورات التدريب على الخياطة. وفي وقت لاحق، اشترت آلة خياطة صغيرة لتطبيق ما تعلمته بشكل عملي.
وُلدت زهرة في سبها في ليبيا، على بُعد حوالي 600 كيلومتر من العاصمة طرابلس، وتخرجت من معهد الهندسة في عام 2014. ولكن اضطرت للتخلي عن شغفها بتصميم الأزياء إلى بعض الوقت لتركز بشكل أكبر على الحياة العائلية ودراستها. ومع ذلك، في عام 2016، وبعد الكثير من التفكير، قررت زهرة العودة إلى هوايتها المفضلة.
وتقول: «بدأتُ بتصميم وبيع الملابس لأفراد العائلة والأصدقاء. وتدريجيًا، زاد عدد المشترين خارج دائرة معرفتي الضيقة. فقررت أن أطور ذلك إلى مشروع صغير لأن عدد العملاء كان يزداد بسرعة.»
التعلم من الإخفاقات
ترافق قرار توسيع مشروعها ليصبح شركة ناشئة رسمية مع تحديات جديدة، وخاصة من الناحية المالية. إذ لم يكن الدخل يوفر لها ما يكفي من الموارد للاستثمار في تطوير أعمالها ودعم أسرتها في الوقت نفسه. وفي الوقت الذي كانت فيه زهرة تواجه تحديات جديدة، قررت المشاركة في مسابقة نظمتها «سبارك» وحاضنة «بناء» لريادة الأعمال كجزء من برنامج «تضامن» الذي يموله البنك الإسلامي للتنمية وصندوق التضامن الإسلامي للتنمية. وتضمنت المنافسة التدريب والإرشاد والتوجيه لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من أجل التعافي من آثار جائحة كوفيد-19.
وتضيف زهرة: « كان هدفي النهائي اكتساب المعرفة لأنني أعتقد أن المعرفة أكثر قيمة من المال. وحتى لو كان لدي المال، فمن دون المعرفة سأفقده كله.»
على الرغم من تأهلها للمرحلة النهائية من المسابقة، لم يتم اختيار مشروع زهرة للحصول على الدعم المالي. ولكن، لم تسمح لذلك بأن يثنيها عن هدفها. بدلًا من ذلك، بدأت في التفكير في ما يفتقر إليه مشروعها وشاركت في كل تدريب استطاعت العثور عليه.
وتقول: «اخترت ما أحتاجه من المعرفة وقمت بتدوين الملاحظات، ونتيجة لذلك، أنجزت ما لم أفعله على مدى عشر سنوات! أدركت أنني بحاجة إلى استثمار بعض أرباحي في تطوير المشروع بدلًا من إنفاقها كلها على احتياجات الأسرة والمنزل.»
التخطيط المالي
تتمثل إحدى أهم المهارات التي يحتاجها رواد الأعمال الجدد في إتقان المعرفة المالية الفعالة والتخطيط. ونادرًا ما يتم تعليم هذه المهارات في الجامعة، ولكنها ضرورية للحفاظ على السيولة النقدية في أي شركة ناشئة.
بدأت زهرة تدريجيًا بتوفير جزء من أرباحها للاستثمار في عملها، مستندة إلى ما تعلمته في التدريب. وبدأت الأمور تتغير يومًا بعد يوم. بعد حضور 10 ساعات من التدريب على مدى 3 أشهر، تمكنت زهرة من استخدام معرفتها المالية الجديدة ومهاراتها في التوفير لشراء آلات خياطة إضافية. لم تكن تملك سوى آلة خياطة واحدة عندما شاركت في المنافسة، ولكن بحلول نهاية التدريب وبعد اكتساب الأساسيات في تمويل المشاريع الجديدة، تمكنت من شراء ثماني آلات خياطة جديدة. كما قدمت لها حاضنة «بناء» لريادة الأعمال مساحة عمل لإنشاء خط إنتاج في طرابلس.
توجهات السوق
بالإضافة إلى ذلك تمكنت زهرة، من خلال الاهتمام بتوجهات السوق، من توسيع عملها في جميع أنحاء البلاد. إذ استطاعت تحديد ما يطلبه عملاؤها وأنواع الملابس الأكثر شيوعًا. واستنتجت أن كل منطقة في ليبيا تتمتع بأسلوبها الخاص، وتفضل إما الملابس التقليدية وإما الملابس الحديثة.
ولقد عيّنت اليوم مندوبين لمشروعها في مختلف المناطق في ليبيا. وتوظف زهرة حاليًا فريقًا مكونًا من 15 امرأة وتخطط لإطلاق علامتها التجارية الخاصة، التي ستحمل اسم «لوتس ليبيا»!