بعد النجاة من تحت الأنقاض، محمد عبده، يستخدم خبرته في الطاقة المتجددة لتقديم حلاً للمدن المتأثرة بالزلازل
في أعقاب الزلزال الذي ضرب تركيا، عزم محمد عبده، مؤسس شركة الطاقة الخضراء، على المساهمة في إعادة إعمار المدن المتضررة. تتضمن رؤيته توفير حلول للطاقة المتجددة لإعادة بناء هذه المدن كمراكز حضرية ذكية ومستدامة.
في سوريا، قلة هم الذين لم يصابوا بأذى بسبب الصراع: فُقد عدد لا يحصى من الأرواح وفر الكثير من الناس من البلاد بحثًا عن الأمان. رغم كل الصعاب، تمكن محمد وعائلته من الهروب من الصراع المميت في سوريا والاستقرار في أنطاكيا، تركيا، في عام 2011. عانى محمد سنوات عديدة من التحدي في أنطاكيا. كما أنه يوضح محمد أنه ترك كل شيء وراءه ولم يحمل معه شيئًا سوى خبرته في الطاقة المتجددة والكهرباء، التي حصل عليها خلال أيام دراسته الجامعية في سوريا. يقول: “لحسن الحظ، لدى أنطاكيا مجتمعًا ناطقًا باللغة العربية نابضًا بالحياة، مما خفف من وطئت انتقالنا وسمح لنا بالشعور بالانتماء لمحيطنا الجديد.”
سيارة كهربائية يدوية الصنع
بفضل معرفته وشغفه بالطاقة المتجددة، حقق محمد حلم طفولته بمجرد أن استقر في تركيا، حيث قال “منذ صغري، كنت أحلم دائمًا باختراع سيارة كهربائية، وفي عام 2013، شرعت أخيرًا في جعل هذا الحلم إلى حقيقة.”
في السنوات التالية، بذلت قصارى جهدي، وجمعت كل المعارف والمواد اللازمة. أخيرًا، في عام 2017، أكملت أول سيارة كهربائية لي. كانت حمراء، بأربعة مقاعد، وتعمل بالكامل بالطاقة الشمسية، وفقًا لالتزامي القوي بالاستدامة البيئية. كما تم تصميمها لتكون عملية: “يمكن شحن السيارة من خلال مصادر الكهرباء المنزلية عند الحاجة.”
بعد انطلاقته، أصبحت وسائل الإعلام التركية مهتمة بمحمد وأجرت مقابلات متكررة معه، وعرضت سيارته الكهربائية المصنوعة يدويًا. “أصبحت شخصية معروفة في أنطاكيا!”
مسابقة نماء الثانية تعزّز الطاقة المتجددة الخضراء
بفضل تقديره لعمله وبشغفه المتجدد، تمكن محمد أخيرًا من تأسيس شركته “الطاقة المتجددة الخضراء”، التي تقدم حلاً للطاقة المتجددة للمنازل والشركات. يشرح محمد قائلاً: “لتمويلها، اضطررت لاقتراض أموالًا من الأقارب والأصدقاء. بعد عامين من الإنتاج على نطاق صغير، انضممت إلى مسابقة نماء الثانية، التي نظمتها حاضنة الأعمال ومنظمة سبارك، والتي تموّلها صندوق قطر للتنمية.”
في خضم جائحة كوفيد-19، انضم محمد إلى مسابقة نماء الثانية لمدة ستة أشهر. خلال هذه الفترة، حضر دورات تركز على المحاسبة والإدارة وإنشاء الشركات والقانون، بهدف أن يصبح رائد أعمال متكامل القدرات.
“بحلول نهاية المسابقة، شعرت أن مهاراتي ومعرفتي قد تطورت بشكل كبير، ولاحظت بشكل خاص تحسن قدرتي على التواصل مع شركاء الأعمال والعملاء”.
يقول محمد “بعد انتهاء المسابقة، قمت بتوسيع فريقي ليشمل 13 فردًا. كانت مهمتنا تقديم حلاً شاملاً للطاقة البديلة، يغطي جميع الأجهزة التي تحوّل الطاقة الشمسية إلى طاقة منزلية قابلة للاستخدام. إن الثقة والإبداع التي تجددها المسابقة، زادا من رغبتي في إعادة العطاء للبلد الذي استضافني طوال هذه السنوات، والذي أصبح الآن وطني.”
كانت الأعمال تسير بشكل جيد حتى أن الزلازل المدمرة ضربت تركيا وسوريا في شهر فبراير من هذا العام ووجهت له ضربة قاسية أخرى. تأثر منزله وشركته، وبشكل كبير حياة العديد من موظفيه. يقول محمد “بعد 12 عامًا من العمل، أخيرًا بنيت شركة أحلامي؛ ولكن هذا الحلم أصبح فجأة كابوسًا عندما ضرب الزلزال.”
كارثة الزلزال
يشرح محمد قائلاً: “فجأة، في الساعة 4 صباحًا، امتلأ الليل بأصوات مرعبة مع اهتزاز بالأرض. خلال 15 ثانية، انهار مبنانا. خرجت إلى الظلام والبرد القارس ونظرت حولي: كانت الشوارع مكسوة بالأنقاض، والناس يستغيثون بيأس من تحت الأنقاض. لم أستطع تصديق ذلك؛ ظننت أنني يجب أن أكون في حلم.”
في ذلك اليوم، فقدت كل شيء: منزلي، وشركتي، وزملائي الأعزاء. من بين 13 موظفًا لدي، نجا اثنان فقط. لا يمكنني أن أجد الكلمات التي تصف رعب تلك الليلة، ولكنها كانت أسوأ مما عشناه في سوريا. قلبي يؤلمني من أجل فريقي وجيراني، غيابهم يثقل عليّ؛ لترقد أرواحهم في سلام. لا تزال ذكريات الزلزال تطاردني حتى اليوم، لكن لم يكن لدي خيار سوى أن أبدأ من جديد.”
الصعود من تحت الأنقاض
بعد ثلاثة أشهر من العيش الصعب، قدم صديق محمد له ولعائلته شقة صغيرة في إسطنبول. بمجرد وصوله إلى اسطنبول، تواصل مع شخص يمتلك مصنعًا.
يقول “قدم لي بكرم زاوية في مصنعه لأبدأ عملي من جديد. الآن، أبذل قصارى جهدي للمضي قدمًا وإعادة بناء ما فقدته”. بالتعاون مع عمر، خريج جديد، يركزان على إيجاد حلول طاقة جديدة للمزارعين في أنطاكيا ومدن أخرى تأثرت بالزلزال. “نأمل في المساهمة في إعادة بناء أنطاكيا والمدن الأخرى المتأثرة. رؤيتنا هي تحويلها إلى مدن ذكية، مدعومة بمصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية. بهذه الطريقة، يمكنهم توليد الكهرباء بشكل مستدام، وخلق مجتمعات حديثة ومتطلعة. نطمح في أن نكون جزءًا أساسيًا من هذه العملية لإعادة البناء.”