والدي مهندس ميكانيكي، وجدي كذلك!

يقول محمد، وهو مهندس ميكانيكي انتقل من سوريا إلى غازي عنتاب في تركيا في الأيام الأولى من الصراع: «عندما بدأت الحرب الأهلية، اضطررت إلى مغادرة بلدي تاركًا الدراسة ورائي.» وعلى الرغم من التحديات، لم يتخلَ محمد عن حلمه في أن يصبح مهندسًا ميكانيكيًا، تمامًا مثل والده وجده.

ويقول: «كنت بحاجة إلى التسجيل في برنامج هندسي وإنهاء دراستي أولاً.» وساعدته منحة دراسية قدمتها منظمة «سبارك» على متابعة رحلته التعليمية.

ودفعته طموحاته لتنفيذ أفكاره الهندسية إلى البحث عن برامج في مجال ريادة الأعمال. وفي السنة الأخيرة من دراسته، قدم اقتراحًا تجاريًا لبرنامج منظمة «سبارك» لريادة الأعمال في إطار الصندوق الاستئماني الإقليمي للاتحاد الأوروبي استجابة للأزمة السورية (مدد).
وتلقى محمد منحة مكّنته من إطلاق مشروعه في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد باسم KED Prototyping، وهي مؤسسة تقوم بتصميم النماذج الأولية للمنتجات الآلية وبتصنيعها في نفس الوقت. ولقد حقق نتائج مبهرة، إذ حصل على خمسة عملاء في غضون أربعة أشهر، سرعان ما تضاعف عددهم ثلاث مرات. ويشمل عملاؤه العديد من الشركات الكبيرة التي يصمم لها آلات التصنيع. ويعكس نمو أعماله نجاحه الحالي وتطوره في مسيرته المهنية.

إلى جانب أعماله الخاصة، يعمل محمد مهندسًا في مصنع حيث يقوم بتصميم الآلات.
وبهدف الاستفادة من مهاراته ومشاركتها مع الآخرين، يدعم أيضًا رواد الأعمال السوريين الشباب الذين يحتاجون إلى نماذج أولية وتصميمات لشركاتهم الناشئة. ونظرًا لأن محمد يدرك التحديات المالية التي تعترض الأشخاص المهاجرين، فضلاً عن الصعوبات التي يواجهونها جراء جائحة كوفيد-19، فلا تغطي الرسوم التي يتقاضاها سوى المواد الخام فيما يوفر خدمات تصميم النماذج الأولية وتصنيعها مجانًا.

ويقدم محمد هذه الخدمات لمساعدة الشركات الصغيرة على النمو، وهو أمر يفعله أيضًا يوميًا من خلال المساعدة على تصنيع قطع غيار للآلات في مصنع للأفران. ولا يتقاضى حتى نفقات تنقلاته اليومية إلى المصنع، وهذا دليل على شخصيته القائمة على حب الغير. ويضيف محمد قائلًا: «كل ما أريده هو مساعدة الآخرين في رحلة ريادة الأعمال الخاصة بهم.»

دعم برنامج ريادة الأعمال محمد خلال جائحة كوفيد-19 عبر تقديم الإرشاد والتدريب له بالإضافة إلى مشاركة المعرفة والتدريب على المهارات. ولا يزال محمد يكافح بسبب الاضطرابات الاقتصادية التي تشهدها تركيا والناجمة عن التضخم الجامح والانخفاض المستمر في قيمة الليرة التركية بسبب أوجه عدم الاستقرار في المنطقة. وتتمثل آثار تراجع الليرة في تضاعف قيمة المواد الخام بالدولار الأمريكي ثلاث مرات.

“أريد أن أرد الجميل لتركيا.”

وعلى الرغم من التحديات التي يواجهها محمد، يشعر أنه محظوظ جدًا لأنه حصل على فرص لتعزيز مسيرته المهنية في مجال الهندسة الميكانيكية في تركيا. ويريد أن «يرد الجميل لتركيا»، ويود أن يستثمر في البلاد. ومع ذلك، تراوده بعض الشكوك في ما يخص المستقبل، لأن تركيا تمر باضطرابات اجتماعية واقتصادية تجعل الوضع أكثر تعقيدًا بالنسبة للاجئين السوريين في البلاد.

محمد يوسف كنات هو مهني ناجح وشغوف يسير على الطريق الذي رسمه له جده ووالده في الهندسة الميكانيكية. وهو خير مثال على رد الجميل للمجتمع من خلال التطوع ومساعدة الآخرين المحتاجين، بغض النظر عن التحديات المتعددة التي واجهها.