غلق
غلق
غلق
نوفمبر 11, 2019

بايام سارباست – صحافية

تجلس بهدوء في غرفة الأخبار المليئة بالضوضاء والفوضى، نعم! فـبايام سارباست، البالغة 21 ربيعاً هي شخصية فريدة بالفعل! ليس لكونها أصغر مراسلة إخبارية في شبكة "رووداو" الإعلامية– إحدى أسرع شبكات الأخبار نمواً في الشرق الأوسط- فحسب بل لأنّها أيضاً، وقبل عام واحد فقط، لم يكن لديها وظيفة أو خبرة عملية أو ثقة بذاتها.

في إقليم كردستان العراق، ورغم كونه بشكل عام، أكثر استقراراً وازدهاراً من بقية أنحاء البلاد، غالباً ما يجد فيه الشباب أنفسهم محاصرين في الوسط بين التخرّج وسوق العمل المتردي، وقد ساهمت أزمة اللاجئين السوريين على الحدود وتواجد تنظيم “الدولة الإسلامية” على مشارف الإقليم وكذلك الأزمة الاقتصادية في رفع معدلات البطالة بشكل حاد في السنوات الأخيرة.

في كانون الأول/ ديسمبر من العام 2017، تمت هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية، لكن معركة الشباب كانت أبعد ما تكون عن نهايتها! استغلت الجماعات المتطرفة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي للترويج لسردياتها وتجنيد الشباب من خلال تصوير التطرّف لهم على أنه وسيلة للتمكين، ونجحوا في ضمّ مئات من الشباب الأكراد إليها، ربما لشعور أولئك الشباب بالحرمان أو اليأس.

 

في البداية، أخبرتنا السلطات بأن تنظيم الدولة الإسلامية هو السبب، ولكن تم دحر التنظيم وليس هناك وظائف حتى الآن
عضو في القوى الرقمية العاملة في أربيل.

 

 

ولمنع الشباب من الوصول إلى هذه المرحلة من الضعف، أطلقت منظمة “سبارك” ووزارة الخارجية الهولندية، برنامجاً يهدف إلى تطوير المهارات الرقمية ومهارات إدارة الحملات المعلوماتية لدى الشباب، ليتمكنوا من توفير سرديات بديلة لسرديات العنف المتطرف التي يتم نشرها عبر الإنترنت. تظهر الدراسات أنه وللحد من التطرف، فإنه يجب الحد من سهولة الوصول إلى المواد التي تحرّض عليه، ويجب أيضاً العمل على تقليل قبوله اجتماعياً. لذلك، بدأ بعض الشباب، والمعروفون باسم “القوى الرقمية العاملة في أربيل”، بالعمل على تغيير تلك السرديات.

عام 2018، كانت بايام تبحث عن وظيفة بعد تخرّجها. ولكونها مهتمّة بمجال الإعلام، فقد انضمّت لبرنامج سبـارك “عزّز معتقداتك (Boosting Your Beliefs)” للحصول على بعض الخبرة العملية. وإلى جانب 20 آخرين من الشباب والشابّات الأكراد، تلقى الفريق تدريباً حول الحملات الرقمية والسرد القصصي، وطوّر أفراده حملات جديدة ومبتكرة عبر الإنترنت عبّرت، وبشكل صريح، عن رفضها للعنف.

بدأت بايام و”القوى الرقمية العاملة في أربيل” بتنظيم حملة رقمية تمتد لعام كامل، وغالباً ما اضطُر أفراد الفريق للعمل طوال الليل لترتيب الأنشطة الجانبية والفعاليات لإشراك المجتمع المحلي في قضيتهم. ولرفع مستوى الوعي حول مخاطر وآثار التطرّف الرقمي، قرّر الفريق عقد مؤتمر واسع النطاق لمناقشة الموضوع… وهو المؤتمر الأول من نوعه في إقليم كردستان.

ناقش مؤتمر “السلام عبر الاعتدال” وبشكل صريح ذلك الموضوع الحساس والتدابير الممكنة لمواجهته، وبذلك، استطاع المؤتمر اجتذاب القادة المحليين والدبلوماسيين وصُنّاع السياسات وممثلي المنظمات غير حكومية. وبسبب الحضور غير المُتوقع للعديد من الشخصيات البارزة، تمت أيضاً تغطية الحدث من قبل قنوات الأخبار الوطنية، ومن ضمنها شبكة “رووداو”.

بشيء من التوتر، كانت بايام، التي عملت كمضيفة للمؤتمر، تتفقد قاعة الفندق المُبهرة بسجّادها الأزرق الملكي والمليئة بالشخصيات الهامة الأكبر منها سناً بكثير. وعندما وقفت على المنصة، لم تعد تعتبر نفسها تلك الفتاة الخجولة التي انضمت إلى “القوى الرقمية العاملة في أربيل”. فبعد ان اكتسبت مهارات جديدة وتعززت ثقتها بنفسها، استطاعت قيادة الفعالية بلباقتها وقدرتها على مناقشة مواضيع حساسة مع شخصيات هامة.

 

أشعر بفخر كبير بذاتي. لقد منحتني “سبـارك” الثقة بالنفس لأُدرك أنه يمكنني مواجهة أي شيء في هذه الحياة دون خجل

بايام سارباست.

لم تمر موهبة بايام وثقتها بنفسها دون أن يلاحظها أحد، فبعد انتهاء المؤتمر، قام أحد الصحافيين من شبكة “رووداو”، والذي قام بتغطية المؤتمر، بالتواصل معها، حيث طلب منها الصحافي الحضور وإجراء مقابلة يُحتمل أن تصبح بعدها مراسلة لديهم.

بعد عدة أشهر، وبعد جولات من المقابلات والاختبارات، عُرِض على بايام، ومن دون أية خبرة في الإعلام أو الصحافة أو الوقوف أمام الكاميرات، وفقط بمهاراتها التي اكتسبتها من انضمامها “للقوى الرقمية العاملة في أربيل”، وظيفة في شبكة “رووداو”. تقدّمت بايام لتصبح أحد أنجح الصحافيين الواعدين في “رووداو”، حتى أنها تسافر إلى الصين لإعداد تقاريرها الإخبارية من هناك.

“كانت تلك بمثابة البوابة التي نقلتني إلى المكان الذي أنا فيه الآن. فالآن، أصبحت صحافية”