احتجاجات وتضخّم وفيروس كورونا: لبنان يتأقلم

تقلّصت فرص الشباب بسبب الاحتجاجات العنيفة، وتضاءلت بسبب وباء كوفيد-19، ثم تآكلت أكثر فأكثر بسبب التضخّم. ويشعر اللاجئون بالعبء النفسي المترتب عن ذلك.
سواء كنت لبنانياً أو فلسطينياً أو سورياً، أنت تعاني بمجرد كونك شاباً في لبنان هذه الأيام. غالباً ما يقع العبء الأكبر من الاضطرابات السياسية الحالية والاقتصاد المنهار والإغلاق الكامل للبلاد على كاهل الشباب. ومع ذلك، وبالنسبة للاجئين، فإن لتلك التحديات تأثيراً أكبر بكثير.
يُمنع على السوريين في لبنان دخول معظم قطاعات سوق العمل، ولا يُسمح لهم رسمياً بالعمل إلا في قطاعات الزراعة والبناء والتنظيف. تسببت الاحتجاجات العنيفة والتضخّم المرتفع الذي وصل إلى 60 بالمئة وكذلك إغلاق البلاد، إلى تجفيف معظم الاقتصادات غير الرسمية والتي يعمل فيها 92 بالمئة من اللاجئين. وقد أدّى انخفاض قيمة الليرة اللبنانية إلى ارتفاع هائل في الأسعار، ما يعني أن الكثير من السوريين أصبحوا بلا عمل أو دخل، والأهم من ذلك، بلا أمل.
عندما استطلعنا أوضاع طلّاب “سبارك” الحاليين، وجدنا أن 40 بالمئة منهم قد طلبوا دعماً نفسياً واجتماعياً. منذ انتشار وباء كورونا، بدأ محمد علي صالحة، وهو خرّيج أشعة لبناني تخرّج من مركز عمر المختار التعليمي في البقاع، بالعمل في مستشفى زحلة. ويقول محمد: “يؤثّر وباء كورونا على حياتنا وعلى أُسرنا، وكموظفين في مجال الرعاية الصحية في المستشفيات، لا يمكننا رؤية ومقابلة أحبائنا”.
على مدار 10 أسابيع، توفّر “سبارك” الدعم النفسي والاجتماعي اليومي عبر تقنية الفيديو على الإنترنت. يتم ربط الطلّاب بأخصائي نفسي مُعتمد يقدّم لهم جلسات حول الرفاه النفسي والتأقلم مع القلق والاكتئاب وتقنيات اليقظة الذهنية وإدارة الوقت.
يقول أحد الطلاب: “تساعدنا تلك الجلسات على متابعة دراستنا في هذه الظروف الصعبة وتخفّف الضغط النفسي الذي قد نشعر به لكوننا مشغولين دائماً بدراسة محاضراتنا”. كذلك تمكّن خطوط المساعدة الهاتفية المخصصة، والمتاحة بين الساعة الـ10 صباحاً والـ4 عصراً، طلّاب “سبارك” من الاتصال بفريق محلي والحصول على المساعدة والدعم في حل المشاكل وإيصالهم بمزودي الخدمة الآخرين إن كانوا بحاجة إلى ذلك.
حصل التحوّل الحالي نحو خدمات الإنترنت في وقت مبكر في لبنان. وعندما بدأت الاضطرابات المدنية تترسّخ في كافة أنحاء البلاد، أغلقت كل معاهد التعليم العالي العامة والخاصة أبوابها. وبعد قرابة ستة أشهر من الاحتجاجات، أجرت “سبارك” تعديلاً على برامجها لمواصلة دعم الطلاب وروّاد الأعمال والمشروعات الريادية عن بُعد.
يقول أحد الطلاب حول محاضرات الجامعة عبر الإنترنت: “أجدها مفيدة بالفعل، لأنك لا تفوّت أي شيء منها. يتم تسجيل كل شيء، لذا وحتى إن فاتتك المحاضرة، يمكنك إعادة مشاهدتها في أي وقت تريد. أصبح لديّ أيضاً وقت إضافي للدراسة، إذ كنت أضطّر للتوجّه يومياً من جنوب لبنان إلى بيروت لحضور المحاضرات”.
حالياً، هناك حوالي 500 طالب سوري ولبناني وفلسطيني في لبنان مسجّلين للحصول على الدعم من “سبارك”، تم تمكينهم للوصول إلى محاضرات عبر الإنترنت لتعلّم اللغة الإنكليزية والتدرّب على المهارات الشخصية والمهارات الرقمية وتلقّي الاستشارات الأكاديمية. يتم حل المشاكل الناشئة عن إطلاق الأنظمة الجديدة بشكل مستمر. فعلى سبيل المثال، وعند استطلاع آراء الطلاب في لبنان، قال 81 بالمئة إنّهم يشاركون بالمحاضرات من الهواتف الذكية (بينما أكّد 12 بالمئة فقط أنهم يشاركون بها عبر أجهزة الكمبيوتر المحمولة)، لذلك يتم تحسين الإعدادات التقنية للمحاضرات الافتراضية لتلائم الهواتف الذكية. كذلك أبلغ الطلاب عن مشاكل تتعلق بتوقيت بث المحاضرات عبر الإنترنت. يوضّح أحد الطلاب ذلك بقوله: “يُرجى الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تعديل مواعيد المحاضرات والامتحانات، لأنه، وفي بعض الأحيان، يتم تنظيمها في أوقات لا تتوفر فيها الكهرباء أو الاتصال بالإنترنت”.
ورغم تحديات التنفيذ الأولى، يستمرّ شركاء “سبارك” المحليون المتفانون في التكيّف مع الوضع المتغيّر باستمرار. فعلى سبيل المثال، وفي كانون الأول الماضي، حصل عشرة طلاب على تدريب وتمويل أوّلي لأفكار خطط مشروعاتهم الريادية بعد فوزهم في منافسة أفضل خطط المشروعات الريادية بتمويل مالي من اليانصيب الخيري الهولندي ووزارة الخارجية الهولندية والبنك الإسلامي للتنمية وجمعية الشيخ عبد الله النوري الخيرية. ومع حؤول الإغلاق التام للبلاد دون التقائهم شخصياً، قامت منظمة “إنجاز لبنان“، وهي شريكة محلية لـ”سبارك”، بنقل التدريب إلى الإنترنت.
تسببت الأوضاع في كافة أنحاء لبنان في وضع ضغط هائل على الشباب، لاسيّما اللاجئين الذين يحاولون إعادة بناء حياتهم، لكنّ البعض منهم قرّر التعامل مع الأمور بنفسه. فقال أحد الطلاب: “هذه التجربة جديدة بالنسبة إليّ وهي تجعلني أكثر استقلالية، أضف إلى ذلك أنه من خلال التعلّم عبر الإنترنت، بدأت باكتساب مهارات جديدة مثل كيفية استخدام الحاسوب والبرامج ومنصات التعلّم”. في لبنان، يتضامن مع أولئك الشباب العديد من علماء النفس والمحاضرين والأساتذة والمدرّبين ومدربي المشروعات الريادية والمنظمات المحلية وكذلك “سبارك”، فرغم هذه الظروف، نستمر في تقديم الدعم لهم في رحلتهم لتحقيق النجاح المهني.
أخبار ذات صلة
-
Event
8 Reasons why you should join the Maharat for Tourism E-Learning Hub
-
أخبار
مستقبل فلسطين المجهول: كيف تخطف الحرب قدرة الفلسطينيين على بناء القطاع التكنولوجي
قبل اندلاع العدوان الحالي على غزة، كان قطاع التكنولوجيا مزدهرا بالشركات الناشئة والعمل الحر رغما عن الظروف الصعبة التي تعيشها…
-
أخبار
أوقفوا الحرب، وأعيدوا الأمل: معًا، لنُعيد بناء غزة
لقد مرت سنة كاملة منذ أن تعرضت غزة، التي يقدر عدد سكانها بـ 2.23 مليون نسمة، لقصف متواصل. وقد قُتل…
-
غير مصنف
إشعال روح ريادة الأعمال: سبارك تفتتح أول حاضنة أعمال في البيضاء
-
أخبار
عام على كارثة الفيضانات في ليبيا
-
أخبار
برنامج المنح الدراسية للطلاب الدوليين المقيمين في تركيا
يسعد منظمة سبارك أن تقدم برنامج المنح الدراسية للطلاب الدوليين المقيمين في تركيا.
-
غير مصنف
Creating employment opportunities for Syrian refugees in Türkiye
-
أخبار
70 من شباب غزة يحصلون على فرص عمل جديدة في قطاع التكنولوجيا
إن للحصار الإسرائيلي على قطاع غزة لأكثر من 17 عامًا ضررًا اجتماعيًا واقتصاديًا وإنسانيًا كبيرًا، يصيب به حياة أكثر من…
-
أخبار
تمويل بقيمة 1.1 مليون يورو من صندوق ضمان القرض بالشراكة مع بنك البركة التركي للشركات الصغيرة والمتوسطة المتضررة من الزلزال في تركيا
أساس محور استجابة منظمة سبارك للتعافي بعد الزلزال هو إعادة بناء شركائنا في ريادة الأعمال والتنمية الاقتصادية حيث إن عملهم…
-
اليوم الدولي للعمال: خلق فرص العمل يقوي المجتمعات
-
شمال افريقيا: هذا ما فاتك IGNITE
-
مسابقة نماء في نسختها الرابعة لدعم الابتكار وريادة الأعمال في تركيا
-
فن الجداريات في عمان يحتفي برواد الأعمال اصحاب التطلعات المستدامة.