غلق
غلق
غلق
أغسطس 4, 2021

انفجار بيروت: يتّجه العاطلون عن العمل إلى التّكنولوجيا بعد مرور عام على الحادث


آثارالانفجار حول مرفأ بيروت، متمثلا في انفجار صومعة حبوب بيوم الثلاثاء 4 آب / أغسطس 2020 © توم نيكولسون

قبل عام واحد ، هز الانفجار المدمر شوارع بيروت. حيث لقي أكثر من 200 شخص مصرعهم وأصيب آلاف آخرون عندما ضرب الانفجار العاصمة. ونتج ذلك الانفجار عن مواد كيميائية متفجرة تم تخزينها بشكل غير صحيح لسنوات في ميناء المدينة.

تم نشر هذه المقالة لأول مرة على مدونة MENASource التابعة لـ Atlantic Council.

 

تم تدمير الآلاف من المنازل والمشاريع التّجاريّة، واصبحت جهود تنظيف الحطام من قبل الحكومة لم تكن سوى عائق، بالاضافة للعملة المحلية المنهارة، والاحتجاجات، السّكان وجائحة فيروس كورونا، ونظام الرّعاية الصحيّة المنهك ، ونقص الغذاء والمياه والوقود والطاقة بشكل متكرر. ولا يزال سكان البلاد المتنوعون البالغ عددهم أكثر من 6 ملايين لبناني ولاجئين فلسطينيين وسوريين ، بالإضافة إلى حوالي 250 ألف عمالة مهاجرة يعانون أثار الأزمة. حيث فقدت الليرة اللبنانية 90٪ من قيمتها منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2019 ، وتركت معظم الناس عاجزين عن شراء الضروريات الأساسيّة.

قبل يومين من الانفجار المدمّر في سنة 2020 ، تخرّجت مجموعة مؤلفة من 27 من مطوري الويب المؤهلين حديثاً من دورة تدريبيّة في البرمجة والقيادة مدّتها ستة أشهر في مكاتب كودي في الجميزة في، بيروت. قد يكون قطاعهم أحد مجالات العمل الوحيدة التي لم تتأثر نسبيًاً بالأزمة الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة في البلاد.

وفقًا لمؤسسة كودي، وهي مدرسة برمجة مجانية للشباب الغيرعاملين، حيث يتم توظيف 85 بالمائة من خريجيها المطورين والمبرمجين خلال الأشهر الثلاثة الأولى من التخرج ، ويكسبون ما يعادل 1,050 دولارًا شهريًا نقدًا. يعمل ما يقرب من نصفهم كمطورين للويب ومديري مشاريع في شركات تكنولوچيا خارج لبنان – مثل Coddict و Microsoft و Wunderman Thompson – بالخليج والولايات المتحدة وأوروبا.

يقول هورتنس ديكوكس، مؤسس شركة كودي: “تشير التقديرات على الصعيد العالمي إلى أنه هناك عشرة أضعاف عدد الأدوار والوظائف للمطورين مقارنة بالأشخاص المؤهلين للقيام بهذه الأدوار. ونسبة هذه الإحصائية أكبر في منطقة الشّرق الأوسط وشمال إفريقيا “.

يتلقى مطورو الويب بمؤسسة كودي، دورات مجانية في البرمجة لمدة ستة أشهر في بيروت ، لبنان. © 2021 ، كودي

تعد مهن التشفير وغيرها من المهن التقنية إحدى الطرق التي يستخدمها 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان للتحايل على قوانين العمل الحازمة في البلاد التي لا تسمح إلا للسوريين بالعمل في قطاعات الزراعة والبناء والتنظيف. وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن منظمتي جسور وسبارك ، فإن 88.2 بالمائة من السوريين يعملون حاليًا في القطاع غير الرسمي في لبنان.

تدعم سبارك، وهي منظمة غير حكومية تنموية دولية وشريكة لـكودي، بدعم الشباب المستضعفين في لبنان – بما في ذلك اللاجئون السوريون – من خلال فرص عمل مستدامة. تعمل منطمة سبارك على توفير منحًا دراسية للتعليم العالي، وتربطهم بفترة تدريبية تختص بمجال ريادة الأعمال،وتسهيل الوصول إلى موارد التّمويل للأعمال النّاشئة الواعدة في مجال التكنولوچيا.

محمود جكمرة، سوري الجنسيّة وهو خريج أعمال كمبيوتر من إحدى مِنح سبارك المموّلة من الاتحاد الأوروبي، يعمل حالياً كمطوّر ويب. بالإضافة انه هو المعيل الوحيد لأسرته المكوّنة من سبعة أفراد.

محمود جكمرة ، مطور سوري ، يعمل من منزله في بيروت ، لبنان © 2021 ، سبارك

يقول محمود: “هذه هي الطريقة الوحيدة للعمل بشكل قانوني: وذلك لإمكانيّة إنجاز مهامها عن بعد ولأنها تتطلب جهاز كمبيوتر محمول فقط. يمكنني فقط الجلوس تحت الشجرة وأباشر العمل. أعمل الأن في مخيم برج البراجنة، حيث يتواجد عدد كبير من السّوريين. أود أن أنشئ مركزاً لمهارات تطوير الكمبيوتر في المخيّم”. في الوقت الحالي ، 24 بالمائة من خريجي  مؤسسة كودي هم سوريون.

منذ الإنفجار والأزمات المتتالية، شهدت كودي زيادة في عدد المتقدمين اللّبنانيين لدوراتهم. من هذا العدد ، 35 في المائة من الطلاب هم نساء.

“التّعليم قوي في لبنان. ومع ذلك، بعد الإنفجار، تحطّمت أحلام مجموعة كبيرة من الشّباب الذين كانوا في طريقهم لدراسة البكالوريوس أو الدراسة خارج لبنان في بلاد أخرى. يقول هورتنس:”إن تكريس ثلاث إلى أربعة سنوات ، بتكلفة باهظة ، هي مجرد رفاهيّة لا يستطيع معظم الناس تحمّلها بعد الآن”.

تتغيّر اتجاهات التّعليم على الصّعيد العالمي. ولم تعد الدّرجات والشهادات العلميّة من معاهد التّعليم العالي التّقليديّة تضمن التّوظيف بعد التّخرج وإن العديد من المؤهّلات التي كانت تعتبر ذات يوم مرموقة، مثل الهندسة، لا تعكس الاحتياجات الحقيقيّة لأسواق العمل المحليّة.

يقول كريس ، وهو مطور لبناني وخريج مؤسسة كودي: “بعد أن أمضيت ثلاث أعوام في الجامعة وكوني عاطلًا عن العمل ، كان التقديم بمؤسسة كودي هو أفضل قرار اتخذته على الإطلاق. في غضون أقل من أربعة أشهر ، على الرغم من أنني تعلمت من جديد معظم الأشياء التي قد تعلمتها في الجامعة من قبل، فإن كودي أعطتها قيمة أكبر، لأنها في مشاريع فعلية وليست فرص تعلّم خلال الكتابة والقراءة”.

يتجه المزيد والمزيد من الشباب نحو دورات تدريبية قصيرة الأمد وتعتمد على المهارات أو مهنيّة التي تقدّم خبرات عمليّة في الحياة الواقعيّة ، ليكونوا مجهّزين بشكل أفضل لسوق العمل. لقد أدّت جائحة فيروس كورونا إلى تسريع هذا الاتّجاه، مع توفير خيارات التّعلّم المختلط حيث يساعد بشكل أكبر على المرونة والفرص للسكان المستضعفين، مثل اللاجئين.

في حين أن الوضع في لبنان ما بعد الانفجار لا يزال مُزريًاً ، ويعاني العديد من العاملين أيضاً في مجال التّكنولوجيا من التّقنية رباعيّة الأبعاد (4G) غير موثوق بها ، وانقطاع التّيار الكهربائي ، وتكاليف المعيشة المرتفعة وضغوط ما بعد الصدمة ، فإن منظّمات مثل سبارك وكودي تزوّد الشّباب المستضعفين بالتّكنولوجيا الرقميّة. والمهارات اللّغوية لدعم أنفسهم في المستقبل ، على الرّغم من الأوضاع سريعة التغيّر والهشة التي يعيشون فيها.

أخبار ذات صلة